مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي يصدر بياناً بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك

Image Source Gulf News Uae Fatwa Council Issues Statement On The Upcoming Month Of Ramadan In Light Of Covid 19 Updates


أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك بياناً عقب اجتماعه الأول لسنة 2020 الذي عقده اليوم برئاسة معالي العلامة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس المجلس، بيّن فيه أحكام الصيام في هذه الظرفية التي يعرف فيها العالم انتشار وباء كورنا المستجد.

ويضم مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي في عضويته سعادة الدكتور عمر الدرعي وفضيلة الدكتــور أحمد الحداد وفضيلة د. سالم محمد الدوبي وفضيلة شمة يوسف الظاهري وفضيلة أحمد محمد الشحي وفضيلة الدكتــورة أماني لوبيس وفضيلة د. عبدالله محمد الأنصاري وفضيلة حمزة يوسف هانسن والمستشار الدكتور إبراهيم عبيد آل علي.

وجاء نص البيان كما يلي: "الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ..
فإنَّ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وبعد عقد اجتماعه الأول لسنة 2020 م في يوم الأحد الواقع في (25/08/1441هـ)، والموافق: (19/04/2020م) وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك وفي ظلِّ الظروف الراهنة يصدر البيان الآتي: أولاً: يبارك مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي لبلدنا الطيب المبارك دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعبًا، وللمسلمين في كل مكان، وللعالم أجمع قرب حلول شهر رمضان المبارك، سائلين الله تعالى أن يجعل قدومه خيرًا وبركة على الجميع، وأن يرفع عن عباده الغمَّة، وأن يفك الأزمة، وأن يرحم أهل الأرض، وأن يوفقهم للصبر والشكر، وإلى التراحم فيما بينهم، والتعاون على البرِّ والتقوى.

ثانيًا: لقد تدارس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أحكام الصيام في هذه الظرفية التي يعرف فيها العالم انتشار وباء كورنا المستجد، وقد حثَّ المجلسُ الأصحاء من المسلمين على اغتنام فرصة الصيام؛ لشكر النعمة والدعاء بالخير لبلدنا الذي وفّر مسحًا طبيًا لجميع المواطنين والمقيمين، يُعرف به الصحيح من السقيم والعليل من السليم، كما بيَّن المجلس حكم الرخص بالنسبة للمرضى ومن بينهم مرضى كورونا المستجد "كوفيد-19" امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى: "... فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا ..." سورة البقرة، آية رقم: 184، وأشار المجلس إلى أنَّ الأطباء وإرشاد الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث هم من يحققون المناط في هذا الأمر.

كما أفتى المجلس للكوادر الطبية الذين هم خط الدفاع الأول في مواجهة هذا الوباء -من أطباء وممرضين ومسعفين ونحوهم- بجواز الأخذ برخصة الإفطار بالضوابط المذكورة في فتوى المجلس، مستندًا في ذلك على أدلة من المذاهب المعتمدة، ومقتضى مقاصد الشرع الحكيم، كما ناقش المجلس بعض المسائل الفقهية الأخرى التي يحتاجها الناس في شهر رمضان المبارك كالزكاة وصلاة التراويح والعيد في ظل الظروف الحالية.

ثالثًا: إنَّ الظروف الاستثنائية التي نمرُّ بها تدعونا للتأكيد على المعاني الإنسانية السامية التي حثَّنا ديننا الحنيف على إظهارها وإفشائها وذلك عبر نشر قيم التراحم والتعاطف، وتعزيز العلاقات البشرية التي تقوم على مبدأ التضامن والتعاون ووحدة المصير؛ قال الله تعالى :"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" سورة المائدة، آية رقم: 2، وإنَّنا ننتهز هذه المناسبة الكريمة لندعو العالم أجمع وكلَّ ضمير حيٍّ في هذا الفضاء الإنساني لأن يهبَّ هبَّةً واحدة لمساعدة الفقير، وإكساب المعدوم، ومسح الآلام عن الضعيف؛ وذلك بغض النظر عن انتمائه الديني أو الجنسي أو العرقي.

وإنَّنا بهذه المناسبة نشيد بالمبادرات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز المشترك الإنساني عبر التضامن مع مختلف دول العالم؛ للتصدي لهذه الأزمة والتخفيف من آثارها؛ ممَّا جسد مثالاً عمليًا واقعيًا لما تدعو إليه الأديان والأخلاق النبيلة.

رابعًا: يؤكد المجلس على وجوب الالتزام بالقرار الصادر عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، وبالتنسيق مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والجهات الدينية والصحية الاتحادية والمحلية بتمديد العمل بقرار إغلاق المساجد حتى إشعار آخر؛ وذلك بناءً على الفتوى رقم (11) لعام 2020 التي أصدرها مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، كما ندعو الجميع للالتزام التام بكل التعليمات الصحية والتنظيمية الصادرة عن الجهات المختصة في الدولة، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع انتقال المرض وانتشاره والقضاء عليه.

خامسًا: يدعو المجلس جميع أفراد المجتمع إلى التعامل الإيجابي مع الآثار السلبية للأزمة؛ فمن المِحن تولد المنح، ومع العسر يكون اليسر، وإنَّ أمر المؤمن كله خير؛ وإلى إظهار المودة والتراحم المجتمعي، وانتهاز هذه الفرصة لتعزيز الترابط الأسري، وعمارة البيوت بالسكينة والطمأنينة، كما يوصيكم خيرًا بأهلكم، خاصة كبار السنِّ؛ فإنَّهم بركة الدار ومستمطر الرحمات، ونوصيكم بالنساء خيرًا "أُمًّا وزوجةً وأختًا وخالةً وعمّةً.." فإنَّهنَّ وصية رسول الله ﷺ، ونوصيكم بأصحاب الهمم والأطفال فهم أسباب التأييد والتوفيق من الله تعالى، كما نوصيكم بأنفسكم خيرًا فإنَّها أمانة الله إلينا ونحن رعاتها، وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته.

سادسًا: يغتنم المجلس هذه الفرصة لتوجيه الشكر والتقدير إلى خط دفاعنا الأول جميع الأطباء والممرضين، والإداريين والمسعفين، والمتعاونين والمتطوعين، ونخصُّ بالمزيد من الشكر جنودنا البواسل الساهرين على سلامة المواطنين والمقيمين؛ فإنَّنا نفتخر بهم وبصنيعهم، ونسأل الله لهم العون والتوفيق، ومن الواجب علينا أن ندعو لهم؛ فهنيئًا لهم ما أقامهم فيه ربنا جلَّ وعلا من خدمة لوطنهم وإبرازًا لإنسانيتهم وإنقاذًا لحياة النَّاس وتخفيفًا لآلامهم ورسمًا للفرحة والبسمة على وجوه أهليهم؛ ونبشرهم أنَّهم في عملهم هذا هم في عبادة عظيمة لله تعالى بما ينفعون به خلقه؛ فهنيئًا لهم عبادتهم وصبرهم وارتقاءهم في درجات القرب من ربهم؛ فعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، في حديث طويل قَالَ فيه عن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "....إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً...." رواه البخاري رقم (6733).

سابعًا: كما يتوجه المجلس بالشكر والتقدير إلى المؤسسات الحكومية والخاصة، والبنوك الوطنية وإلى أصحاب الأيادي البيضاء الذين هبُّوا لتقديم العون والمساعدة وخففوا من وطأة الآثار السلبية للأزمة؛ بالمساعدات المالية أو العينية التي قدموها أو بالتخفيف من إيجار العقارات أو تحمل الرسوم، كما ندعو أصحاب القلوب الطيبة والنفوس الرحيمة من التجار وكل من كان عنده مال ولو بالإيثار: أن يواسي أهله وأقاربه ومعارفه ممن تضرر بالأزمة شكرًا لله تعالى ورحمة بعباده؛ فالله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، كما ندعو الجميع للإسهام في صناديق التعاون الوطنية التي أسست لتخفيف الأعباء عن المتأثرين ومداوة المحتاجين من أموال الصدقة؛ فإنَّ فيها الأجر العظيم والفضل الكبير؛ قال الله تعالى :"إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ" سورة الحديد، آية رقم: 18، وعن أبي هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: "مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ" رواه البخاري (1410).

والحمد لله ربِّ العالمين".

وام



انشر المقال: