الإمارات تعد لفرص العمل بعد جائحة فيروس كورونا

الإمارات تعد لفرص العمل بعد جائحة فيروس كورونا

لقد تسببت جائحة فيروس كورونا في مرور العالم بفترة عصيبة لم يشهدها من قبل؛ فقد تأثر الجميع بتغير أسلوب الحياة والخوف من المستقبل المجهول، ومع إشارة السلطات الصحية العالمية إلى المستقبل الذي قد يتعين تهيئته مع الأخذ في الاعتبار وجود الفيروس، تسعى الدول جاهدةً نحو تعديل الجوانب المختلفة للمستقبل في الوقت الذي تتصارع فيه مع التذبذب الاقتصادي المستمر، كما أدى الاضطراب الاقتصادي إلى إحداث خلل في الديناميات العالمية مما نتج عنه تغيير ترتيب الدول ذات الأماكن الأكثر أمانًا للعيش في مستقبل ما بعد الوباء.

ولقد تم تصنيف دولة الإمارات كواحدة من الدول الرئيسية للعيش أثناء الوباء وبعده، وتم تصنيفها وفقًا لقدرة التعامل مع الوباء والاستقرار الاقتصادي، كما تقود دولة الإمارات الطريق نحو الاستعداد لمستقبل ما بعد جائحة "كوفيد-19" من خلال إحداث تغييرات في السلسلة الغذائية والتطورات العلمية والتكنولوجية، وبالتالي زيادة فرص العمل أيضًا.

الإمارات تستعد لتلبية الطلب على الغذاء في البلاد

تركز الإمارات على نهج مستقبلي للاستعداد لتلبية الطلب على الغذاء في الدولة، مع أخذ خلفية جائحة "كوفيد-19" كفرصة لتحقيق ذلك، والفكرة هي تحقيق الاكتفاء الذاتي وإنتاج الغذاء الخاص بالدولة وعدم الاعتماد على الواردات، ومن جهته قال محمد الظنحاني، مدير إدارة التنمية والصحة الزراعية بوزارة التغير المناخي والبيئة، ”لقد أدى الوباء بالفعل إلى ظهور الحاجة إلى نهج ثنائي الاتجاه لتلبية طلب شعبنا من الغذاء“، كما أوضح قائلاً: ”نحن نعمل من ناحية على تعزيز سلسلة الإمدادات الغذائية الدولية، ويتطلب هذا الهدف تعاونًا مثمرًا مع الدول الأخرى وزيادة عدد الأسواق التي نستورد منها الغذاء، ومن ناحية أخرى، فإننا نعمل على تكثيف جهودنا لدعم المزارعين المحليين واستكشاف وسائل للزراعة المبتكرة التي تمكننا من تحقيق أقصى استفادة من مواردنا المناسبة لمناخنا الصحراوي“، وبحسب ما ورد فإن الإمارات تعمل على زيادة التعاون مع المزارع في 60 دولة، وتعمل على وارداتها الغذائية وعلى زيادة إمكانات إجراء التجارب في المجال الزراعي.

زيادة زراعة الأرز لتوفير المعروض في المستقبل

بالرغم من أن زراعة المحاصيل الغذائية في دولة صحراوية قد تبدو مهمة صعبة، فقد نجحت وزارة التغير المناخي والبيئة في زراعة الأرز في إحدى المزارع بالشارقة، وقد تم تركيب نظام الري بالتنقيط تحت السطحي من قِبل فريق البحث في المزرعة لمواجهة تحدي ندرة المياه وتقليل كمية المياه المستخدَمة لزراعة الأرز، كما يتم استخدام مياه البحر المحلاة بدلاً من المياه الجوفية لزراعة المحصول، ولقد حققت المرحلة التجريبية لهذا المشروع نتائج واعدة بإنتاج 763 كيلو جرامًا من الأرز لكل 1000 متر مربع، وقال الظنحاني، وهو مدير الإدارة بوزارة التغير المناخي والبيئة، إنه بالنظر إلى النتائج الإيجابية، سيتم تطوير مزيد من المزارع في أجزاء مختلفة من البلاد لزيادة الناتج مع مراعاة معالجة التربة، كما أوضح أنه ستتم زراعة البن والقمح في المرحلة التالية.

مزارع رأسية للخضروات

لقد نجحت الإمارات أيضًا في إنشاء المزارع الرأسية لزراعة الخضروات في مناخ بيئي منضبط، وقال الظنحاني ”هناك عدة طرق لتقليل استهلاك المياه في الزراعة، بما في ذلك أنظمة الري الفعالة والتقنيات الزراعية المبتكرة، مثل الزراعة العمودية أو المائية التي تستخدم مياه أقل بنسبة 90٪ تقريبًا من الزراعة التقليدية“.

وتعمل شركة طيران الإمارات على إطلاق أكبر مزرعة رأسية في العالم بالتعاون مع شركة كروب وان بالولايات المتحدة، وتبلغ تكلفة هذا المشروع حوالي 146 مليون درهم، ومن المخطط أن يمتد على مساحة 130 ألف قدم مربع، ومن المتوقع أن يكون إنتاجه من الخضروات ما يعادل إنتاج 900 فدان من الأراضي الزراعية، كما أن الزراعة العمودية تعمل على تقليل انبعاثات الكربون إلى حد كبير، مما يعزز من قدرة الإمارات على التحكم في المناخ.


استزراع الأسماك


يعد "الاستزراع المائي" أحد الأعمال المبتكرة الأخرى المُدرَجة في خطة عمل دولة الإمارات في أيام ما بعد كورونا، وهي طريقة لاستزراع الأسماك والخضروات معًا، ويقول حسين المحمدي، الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار ”إن الاستزراع المائي هو شكل من أشكال الزراعة التي تجمع بين تربية الأسماك في الخزانات وثقافة الزراعة بدون تربة (الزراعة المائية)، وتوفر المياه الغنية بالمواد الغذائية الناتجة من تربية الأسماك سمادًا طبيعيًا للنباتات وتساعد النباتات على تنقية المياه للأسماك.“

وتستورد الإمارات حوالي من 80٪ إلى 90٪ من الغذاء الذي تستهلكه، وبالنظر إلى النقص الحالي في الإمدادات الغذائية على الصعيد العالمي، في ظل وجود الجائحة أو بدونها، تعمل الإمارات بشكل مستمر على اقتناء الغذاء الخاص بها وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة فرص العمل في هذه العملية.

تقنية عدم اللمس في مطارات الإمارات

مع استئناف شركات الطيران لعملياتها مع إعادة فتح السياحة، لا يزال المسافرون يشعرون بالذعر من الفيروس، وهذا هو الخوف من المجهول غالبًا، ولقد أدى النقص في عدد الموظفين بسبب معايير التباعد الاجتماعي إلى اختيار تقنية عدم اللمس من قِبل سلطات مطار الإمارات لتقليل التلامس.

ويقوم مطار أبو ظبي الدولي بتركيب مصاعد تعمل بتقنية عدم اللمس بعدد 53 مصعد تقريبًا، والهدف هو تقليل انتقال العدوى من خلال أزرار المصعد، وقد تم تقديم هذه التقنية من قِبل شركة ناشئة تدعى ميتا تاتش، ويقع مقرها في منتزه جامعة الإمارات للعلوم والابتكار.

اقتصاد ما بعد كورونا

تخطط دولة الإمارات لتشكيل اقتصادها بعد جائحة "كوفيد-19" من خلال التوسع في القطاع الرقمي، ويعتمد الاقتصاد الرقمي للبلاد على تقنية 5G، وهي أحدث بنية أساسية للاتصالات، ويقول معالي وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، ”ستشهد المرحلة القادمة خطة تحفيز طويلة الأجل لتسريع عملية الانتعاش وتشجيع الاستثمارات في مجال الاقتصاد الرقمي“، وهذا هو الجزء الثاني من خطة الانتعاش الاقتصادي المؤلفة من مرحلتين في الإمارات، وتستهدف المرحلة الأولى القطاع الخاص بحوافز إجمالية تتجاوز 282.5 مليار درهم حتى الآن، ومن المتوقع أن تُستخدَم هذه الأموال لإنعاش الاقتصاد مع إعادة الفتح التدريجي للدولة بعد الوباء.

ولقد كانت القطاعات الرقمية وقطاعات الاتصالات على رأس أولويات حكومة دولة الإمارات، وقد ظهر ثمار ذلك بالتأكيد مع ظهور أزمة الجائحة، ويسير المستقبل أيضًا في هذا الاتجاه، وستشهد المرحلة الثانية من الاقتصاد حزمة تحفيزية للاقتصاد من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى "إسراع التعافي وزيادة معدل النمو وتحويل التحديات إلى فرص"، وسوف تكون تقنية 5G والمدن الذكية وقواعد البيانات المتسلسلة (بلوكشين) هي السمات الأساسية في التحول الرقمي في المستقبل لدفع عجلة الانتعاش الاقتصادي.

وتشمل الميزات الأساسية الأخرى المُدرَجة في خطة الانتعاش الاقتصادي لدولة الإمارات لأيام ما بعد كوفيد-19 ما يلي:

·      إعادة فتح التدريجي للشركات والاقتصاد مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية.

·      وضع خطة تحفيز طويلة الأجل للمساعدة في انتعاش الاقتصاد والنمو.

·      تنويع الواردات الصناعية.

·      ضمان توفير الاحتياجات الضرورية بتشجيع الصناعات المحلية والوطنية.

·       تطبيق التطورات وأوجه التقدم التكنولوجية التي ستكون مفتاح الانتعاش الاقتصادي والنمو المستمر، مما يؤدي إلى توفير فرص عمل على نطاق واسع.


انشر المقال: